جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
208683 مشاهدة
كتــاب الطــلاق




كتاب: الطلاق
والأصل فيه: قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ الطلاق : 1 وغيرها من نصوص الكتاب والسنة.


كتاب: الطلاق
الطلاق هو: فراق الزوجة سواء منه أو منها، وذكر الفقهاء أنه تتعلق به الأحكام الخمسة، فقال في زاد المستقنع: يباح للحاجة، ويكره لعدمها، ويستحب للضرر، ويجب للإيلاء، ويحرم للبدعة.
* فيباح للحاجة، إذا تضررت المرأة؛ بحيث أنها تكاد أن تفتدي نفسها، فإذا عرف زوجها أنها متضررة، فإنه يباح له أن يطلقها إذا أراد ذلك، يعني: إذا كان محتاجًا للطلاق ولو لم يكن هناك ضرر.
* ويكره لعدمها، إذا كانت الحالة مستمرة والزوجة صالحة وقائمة بالحقوق وليس عليها نقص، فطلاقها والحال هذه مكروه لعدم الحاجة إليه.
* ويستحب للضرر إذا تضررت الزوجة وبقيت حالة يخشى أنها تفتدي نفسها، فيستحب له أن يطلقها حتى تتخلص من الضرر ومن المشقة.
* ويجب للإيلاء، كما سيأتينا في باب الإيلاء أنه إذا آلى منها ثم انتهت المدة، فإنه يجب أن يفيء أو يطلق.
* ويحرم للبدعة، مجرم عليه أن يطلقها زمن البدعة، وسيأتينا أمثلة له.
* ولا شك أن الطلاق يحصل فيه ضرر، ولذلك ورد في الحديث: أبغض الحلال إلى الله الطلاق يعني: أنه حلال ولكن يبغضه الله، وذلك لما فيه من

التفريق بين الأولاد ومن التفريق بين الزوجين اللذين يجب أن تحسن العشرة بينهما.
ويكره أن يكون الإنسان مذواقًا مطلاقا، يتزوج هذه كأنه يذوقها ثم يطلقها، ولكن لا مانع من ذلك إذا كان ذا قدرة وسمحت له بطلاقها.
وقد ذكروا أن الحسن بن علي-رضي الله عنه- تزوج عددا كثيرًا من النساء وكان يجمع عنده أربع زوجات ثم يطلق واحدة ويتزوج بدلا منها حتى طلق عددًا كثيرًا.
قوله: (والأصل فيه: قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وغيرها من نصوص الكتاب والسنة):
هذه السورة تسمى سورة الطلاق؛ لأن الله ذكر في أكثرها أحكام الطلاق، ففي أولها ذكر طلاق السنة، ثم ذكر العدة، ثم ذكر الإسكان؛ فقال: أسكنوهن - يعني: المطلقات- مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ الطلاق 6 ثم قال: فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ إلخ الطلاق: 6 .
وذكر الطلاق أيضًا في سورة البقرة في قوله تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ البقرة: 228 وفي قوله تعالى: وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ البقرة: 241 وقوله:
الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ البقرة: 229 وقوله: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ البقرة: 231، 232 في موضعين.
وذكر الطلاق في عدة آيات وعدة أحاديث.